Monday, August 31, 2009

Pembukaan Kota Mekah


فتح مكة.. انتصار الحق على الباطل
حامد المهيري

لأول مرة يعترف الباطل بالوجود الإسلامي، وتلتزم له قريش بما لم تكن من قبل تطبقه، فمن خلال معاهدة صلح الحديبية في ذي القعدة سنة 6 هجرية استطاع الإسلام أن ينتشر في آفاق كثيرة، كان الميثاق بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين قريش في بنده الثالث "من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه، وتعتبر القبيلة التي تنضم إلى أي الفريقين جزءا من ذلك الفريق، فأي عدوان تتعرض له أي من هذه القبائل يعتبر عدوانا على ذلك الفريق"؛ فدخلت خزاعة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وبنو بكر في عهد قريش، لكن نكثت قريش العهد، فهجمت بنو بكر على خزاعة، بسبب عداوة قديمة.

فتوجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مكة في جيش قوي ليؤدب أهلها، فحاول أبو سفيان تجديد الصلح، فلم يفلح وحاول حاطب ابن أبي بلتعة إخبار قريش بمسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم فاكتشفت حيلته. وقال عليه الصلاة والسلام "اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها". وسار الجيش حتى وصل مرّ الظهران، وأصبحت أم القرى مقيدة، واستسلمت للقدر، والجيش يتقدم ودخلها بفضل الله تعالى وعونه مع أصحابه ظافرين منتصرين بلا مقاومة تذكر من المشركين.

وأخيرا تحطم الأصنام، وتوطأ بالأقدام، وطأطأ المتكبرون رؤوسهم، ينتظرون مصيرهم وامتلأت الكعبة بالمؤمنين ذاكرين الله، مصلين طائفين مطمئنين، واختار الرسول صلى الله عليه وسلم بلال الحبشي ليعلن من فوق الكعبة عقيدة التوحيد في أذانه للصلاة "يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم" "محمد آية 8". وهكذا استطاع محمد صلى الله عليه وسلم فتح مكة وإعادة الأمن والسلام للبيت الحرام، وأن ييسر للناس حج البيت، وصدق وعد الله "ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين" "القصص آية 4".

لقد خطب الرسول عليه الصلاة والسلام في قريش خطابا قويا، ومما قاله "يا معشر قريش، ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم؛ قال اذهبوا فأنتم الطلقاء". وممن بايعوه حضرت هند بن عتبة زوجة أبي سفيان متنكرة خوفا مما صنعته بحمزة؛ وقال عليه الصلاة والسلام للنساء "أبايعكن على ألا تشركن بالله شيئا" مضيفا "ولا تسرقن" فقالت هند "إن أبا سفيان رجل شحيح، فإن أنا أصبت من ماله هنأت" "فقال أبو سفيان "وما أصبت فهو لك حلال" فضحك الرسول عليه الصلاة والسلام وعرفها، فقال "وإنك لهند؟" قالت "نعم، فاعف عما سلف يا نبي الله عفا الله عنك" فقال "ولا يزنين" فقالت "أوتزنى الحرة؟" فقال "ولا يقتلن أولادهن" قالت "ربيناهم صغارا، وقتلتموهم كبارا فأنتم وهم أعلم"، وكان ابنها حنظلة بن أبي سفيان قد قتل يوم بدر.

وقال "ولا يأتين ببهتان"، فقالت "والله إن البهتان لأمر قبيح وما تأمرنا إلا بالرشد ومكارم الأخلاق"، فقال "ولا يعصينك في معروف"، فقالت "والله ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك". ولما رجعت كسرت صنمها وهي تقول "كنا منك في غرور".

وبقي الرسول صلى الله عليه وسلم 19 يوما يجدد معالم الإسلام ويرشد إلى الهدى، وأمر بكسر الأصنام ونادى مناديه بمكة "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع في بيته صنما إلا كسره" وأمر خالد بن الوليد بكسر صنم العزى، وعمرو بن العاص بكسر صنم سواع وهو لهذيل، وسعد بن زيد الأشهلي بكسر صنم مناة.

إن طريق الحق في الدنيا مفروش بالأشواك مليئا بالعقبات، وعلى المصلحين وأهل الخير ألا ييأسوا بما يلاقونه من عنت في محيط قومهم، ولا يقنطوا بسبب الابتلاء بالحسنات أو السيئات "وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون" "الأعراف آية 168"، "ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون" "الأنبياء آية 35"، "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشّر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون" "البقرة آيات 154-156".

هذا الابتلاء يجب ألا يقعدنا عن الكفاح والسعي للإصلاح والاجتهاد لكسب الأصلح "إن ينصركم الله فلا غالب لكم" "آل عمران آية 160". فالحياة الدنيا ميدان صراع بين الحق والباطل، والخير والشر؛ والإنسان كائن والوقوع في شباك الهوى والمعصية وقوة الباطل والشر تنزع به إلى تلبية نداء الغريزة، وتخلد به إلى الأرض، وتقوده إلى كل ما يشبع نهمها ويطفئ طمأها، ولو على حساب أن تلقي به في التهلكة.

لم يترك الله تعالى عباده في ضياع، إذ أرسل إليهم رسلا تهديهم إلى الحق وتنهاهم عن الباطل، وخاتمهم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب معجزة القرآن، هذا الكتاب المقدس الخالد بيّن بوضوح طريق الرشد وطريق الغي، ولم يجبر الله عباده على طريق، فترك لهم الخيار بعدما بيّن محاسن الرشد ومساوئ الغي ومنح لعباده عقولا تنير لهم السبيل، فمن اجتهد منهم اجتهادا صائبا فاز، ومن أهمل الحركة العقلية خسر، خصوصا وقد يسّر الله على الساعين للخير إمكانية الكشف عن الحق المطهر من زيف الباطل في قوله تعالى "فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد" "ق آية 22".

فمتى يستيقظ العرب والمسلمون من غفلتهم المزرية، وسكرتهم المذلة، وصمتهم عن حقهم المشروع، وجبنهم أمام المتجبرين؟ ومتى يقلعون عن خصوماتهم المفرقة والمشتتة والمفككة وحدتهم؟ ولم يتعظوا بالماضي ويحافظوا على نعمة الله عليهم "واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها" "آل عمران آية 103".

أجيبوني يا عرب، يا مسلمين، عن هذا السؤال الوجيه الذي طرحه الله عليكم في كتابه العزيز المقدس الذي هو مصدر شريعة الإسلام "أفمن أسّس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين"؟ "التوبة آية 109"، ألم يهدكم الله لتقرؤوا قوله تعالى "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم"؟ "فصلت آية 34"، هذا بالنسبة للعدو، وأنتم يا مسلمين، وخصوصا منكم الفلسطينيين، لمَ لا تتعظوا بموقف الرسول عليه الصلاة والسلام في فتح مكة مع المشركين، فهذا سلوك يخزي أهل لغتكم وعقيدتكم
.

No comments:

Post a Comment