احترم كل الناس كما تحترم والدك
حامد المهيري
«عامل الناس كما تحب أن يعاملوك» مثل أنجليزي، «حب الخير للناس هو أدب القلوب» مثل فرنسي، «الذي لا تحبه لنفسك لا تطلبه لي» مثل اسباني، هذه أمثال مضمونها اسلامي تمسك بها غير المسلمن وغفل المسلمون عن أخلاقهم، وعن أقوال ووصايا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إليهم وإلى الناس كافة «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» حديث صحيح رواه البخاري عن أبي هريرة.
وهذه أقواله عليه الصلاة والسلام في الموضوع «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» رواه البخاري عن أنس بن مالك، «عليك بالبر فإن صاحب البر يعجبه أن يكون الناس بخير وفي خصب» رواه الخطيب عن أبي هريرة. «أحب الأعمال إلى الله– بعد أداء الفرائض– إدخال السرور على المسلم» رواه الطبراني عن ابن عباس.
«الدين المعاملة» حديث نبوي يؤكد أن المعاملة ليست جزءا من الدين إنما هي الدين كله. وقد فصل العلماء أنواع المعاملة إلى معاملة الانسان مع خالقه ومعاملة الانسان مع أخيه الانسان، ومعاملة الانسان مع الحيوان، ومعاملة الانسان مع الأشجار، ومعاملة الانسان مع الطبيعة والبيئة بصفة عامة. وسأقتصر على معاملة الانسان لأخيه الانسان.
أبدأ بمعاملة الوالدين بقول الله تعالى «ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا» (الإسراء 23). فالاعتراف بجميل الوالدين والوفاء لهما، والمروءة لهما، هو رد شيء من الجميل، والمعروف لهما بالمعاملة الحسنة والامداد المادي إذا كانا محتاجين فقيرين. لقد روى مالك عن ربيعة الساعدي قال: «بينما أنا جالس، عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله: هل بقي علي من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرّهما به؟ قال: نعم: خصال أربع: 1- الصلاة عليهما والاستغفار لهما 2- وإنفاذ عهدما 3- وإكرام صديقهما 4- وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلها. فهو الذي بقي عليك من برهما بعد موتهما».
وأثني بمعاملة الأبناء بحب وعطف وحنان، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم فإن أولادكم هدية الله لكم» والهدية يجب الحفاظ عليها فأولادكم في حاجة إلى الرعاية والتربية الصالحة والتنمية السليمة المثمرة.
وأثلث بمعاملة الزوجة بإكرامها واحترامها وعدم إهانتها، قال الله تعالى «وعاشروهن بالمعروف» (النساء 19)، وقال الرسول عليه الصلاة والسلام «ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم».
وأربع بمعاملة القربى فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سئل «أي الناس أفضل؟» قال: «أتقاهم لله وأوصلهم لرحمه وآمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر». إن خطوات الماشي إلى قرابته يزورهم كخطوات من يمشي إلى صلاة فريضة وهي من أحب الخطوات إلى الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما خطا عبد خطوتين أحب إلى الله من خطوة إلى صلاة فريضة وخطوة إلى ذي رحم».
وأخمّس بمعاملة المسكين وابن السبيل المنقطع في الطريق إلى بلده إذ هو في حاجة لمده بالمال الذي يكفيه إلى أن يبلغ مقصده والعودة إلى بلده «وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل» (الإسراء 23).
وأسدّس بمعاملة الجار لجاره، فقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت» وأوصى الله تعالى بالإحسان إلى «الجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب» (النساء 36) أي «الجار القريب في المكان أو النسب أو الدين، والجار البعيد غير القريب المجاور في السكن والصاحب بالجنب، وهو الرفيق في السفر. والاحسان إلى الجيران يحقق مبدأ التعاون والتواصل والتوادد والشعور بالسعادة ويكون الاحسان للجيران بكف الأذى وحسن العشرة وتبادل الهدايا والزيارات، والوليمة والعيادة حال المرض ونحو ذلك».
وأسبّع بمعاملة الأعداد، فقد أوصى الله تعالى «ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم» (فصلت 34) ويكون الدفع بالكلام الطيب ومقابلة الإساءة بالإحسان والذنب بالعفو والغضب بالصبر والحلم وكظم الغيظ، والسماحة في القضاء والاقتضاء، فهي آية مكارم الأخلاق، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث حسن رواه الخطيب عن ابن مسعود «من آذى ذميا فأنا خصمه، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة» وفي حديثه الموالي عن أنس بن مالك حول الجار بمعناه الواسع مهما كانت عقيدته وحسبه ونسبه، ومقر ولادته وأصله «من آذى جاره فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله ومن حارب جاره، فقد حاربني ومن حاربني فقد حارب الله عز وجل» وهذا له صلة أيضا بمعاملة الجار لجاره.
تلك هي إشارات لبعض الحالات، مقصدي التذكير بها كما أمر ربّ العالمين «فذكر إن نفعت الذكرى، سيذكر من يخشى، ويتجنبها الأشقى» (الأعلى 9-11) وكما حثّ على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم «اصنع المعروف إلى من هو أهله، وإلى غير أهله فإن أصبت أهله أصبت اهله، وإن لم تصب أهله كنت أنت أهله».
ولا ننسى ولا نتناسى ما روي عن ابن مسعود «جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها» ولهذا نتمسك بما رواه الترمذي عن جابر «الجمال صواب القول بالحق والكمال حسن الفعال بالصدق» وبحديث الطبراني عن جرير «من لا يرحم من في الأرض لا يرحمه من في السماء» وهو حديث صحيح. وبما رواه البزار عن أنس بن مالك «ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به».
وليكن العقل هو أساس أحكامنا على الأشياء، أعني به العقل السليم، الواع بما يجهر ويهدي، ففي رواية البيهقي عن علي بن أبي طالب «رأس العقل بعد الدين التودّد إلى الناس، واصطناع الخير، إلى كل بر وفاجر». وليس صعبا على الانسان العاقل أن يتخلق بحديث البخاري وغيره عن أبي ذرّ الغفاري «تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة».
وحق لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤكد للمسلمين وغيرهم حسب رواية الخطيب عن عائشة «إن الإسلام نظيف فتنظفوا فإنه لا يدخل الجنة إلا نظيف» وكيف تتحقق النظافة، وقد افتك غير المسلمين أسمى قيمهم الأخلاقية، وتركوهم في خصوماتهم وفرقهم ومللهم يتصارعون ويتقاتلون؟. ولهذا قيل في المثل الروماني «انتظر حتى يصفو الماء فتبصر ما ضاع لك»، و«احترم كل الناس كما تحترم والدك» مثل ياباني.
حامد المهيري
«عامل الناس كما تحب أن يعاملوك» مثل أنجليزي، «حب الخير للناس هو أدب القلوب» مثل فرنسي، «الذي لا تحبه لنفسك لا تطلبه لي» مثل اسباني، هذه أمثال مضمونها اسلامي تمسك بها غير المسلمن وغفل المسلمون عن أخلاقهم، وعن أقوال ووصايا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إليهم وإلى الناس كافة «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» حديث صحيح رواه البخاري عن أبي هريرة.
وهذه أقواله عليه الصلاة والسلام في الموضوع «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» رواه البخاري عن أنس بن مالك، «عليك بالبر فإن صاحب البر يعجبه أن يكون الناس بخير وفي خصب» رواه الخطيب عن أبي هريرة. «أحب الأعمال إلى الله– بعد أداء الفرائض– إدخال السرور على المسلم» رواه الطبراني عن ابن عباس.
«الدين المعاملة» حديث نبوي يؤكد أن المعاملة ليست جزءا من الدين إنما هي الدين كله. وقد فصل العلماء أنواع المعاملة إلى معاملة الانسان مع خالقه ومعاملة الانسان مع أخيه الانسان، ومعاملة الانسان مع الحيوان، ومعاملة الانسان مع الأشجار، ومعاملة الانسان مع الطبيعة والبيئة بصفة عامة. وسأقتصر على معاملة الانسان لأخيه الانسان.
أبدأ بمعاملة الوالدين بقول الله تعالى «ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا» (الإسراء 23). فالاعتراف بجميل الوالدين والوفاء لهما، والمروءة لهما، هو رد شيء من الجميل، والمعروف لهما بالمعاملة الحسنة والامداد المادي إذا كانا محتاجين فقيرين. لقد روى مالك عن ربيعة الساعدي قال: «بينما أنا جالس، عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله: هل بقي علي من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرّهما به؟ قال: نعم: خصال أربع: 1- الصلاة عليهما والاستغفار لهما 2- وإنفاذ عهدما 3- وإكرام صديقهما 4- وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلها. فهو الذي بقي عليك من برهما بعد موتهما».
وأثني بمعاملة الأبناء بحب وعطف وحنان، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم فإن أولادكم هدية الله لكم» والهدية يجب الحفاظ عليها فأولادكم في حاجة إلى الرعاية والتربية الصالحة والتنمية السليمة المثمرة.
وأثلث بمعاملة الزوجة بإكرامها واحترامها وعدم إهانتها، قال الله تعالى «وعاشروهن بالمعروف» (النساء 19)، وقال الرسول عليه الصلاة والسلام «ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم».
وأربع بمعاملة القربى فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سئل «أي الناس أفضل؟» قال: «أتقاهم لله وأوصلهم لرحمه وآمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر». إن خطوات الماشي إلى قرابته يزورهم كخطوات من يمشي إلى صلاة فريضة وهي من أحب الخطوات إلى الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما خطا عبد خطوتين أحب إلى الله من خطوة إلى صلاة فريضة وخطوة إلى ذي رحم».
وأخمّس بمعاملة المسكين وابن السبيل المنقطع في الطريق إلى بلده إذ هو في حاجة لمده بالمال الذي يكفيه إلى أن يبلغ مقصده والعودة إلى بلده «وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل» (الإسراء 23).
وأسدّس بمعاملة الجار لجاره، فقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت» وأوصى الله تعالى بالإحسان إلى «الجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب» (النساء 36) أي «الجار القريب في المكان أو النسب أو الدين، والجار البعيد غير القريب المجاور في السكن والصاحب بالجنب، وهو الرفيق في السفر. والاحسان إلى الجيران يحقق مبدأ التعاون والتواصل والتوادد والشعور بالسعادة ويكون الاحسان للجيران بكف الأذى وحسن العشرة وتبادل الهدايا والزيارات، والوليمة والعيادة حال المرض ونحو ذلك».
وأسبّع بمعاملة الأعداد، فقد أوصى الله تعالى «ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم» (فصلت 34) ويكون الدفع بالكلام الطيب ومقابلة الإساءة بالإحسان والذنب بالعفو والغضب بالصبر والحلم وكظم الغيظ، والسماحة في القضاء والاقتضاء، فهي آية مكارم الأخلاق، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث حسن رواه الخطيب عن ابن مسعود «من آذى ذميا فأنا خصمه، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة» وفي حديثه الموالي عن أنس بن مالك حول الجار بمعناه الواسع مهما كانت عقيدته وحسبه ونسبه، ومقر ولادته وأصله «من آذى جاره فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله ومن حارب جاره، فقد حاربني ومن حاربني فقد حارب الله عز وجل» وهذا له صلة أيضا بمعاملة الجار لجاره.
تلك هي إشارات لبعض الحالات، مقصدي التذكير بها كما أمر ربّ العالمين «فذكر إن نفعت الذكرى، سيذكر من يخشى، ويتجنبها الأشقى» (الأعلى 9-11) وكما حثّ على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم «اصنع المعروف إلى من هو أهله، وإلى غير أهله فإن أصبت أهله أصبت اهله، وإن لم تصب أهله كنت أنت أهله».
ولا ننسى ولا نتناسى ما روي عن ابن مسعود «جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها» ولهذا نتمسك بما رواه الترمذي عن جابر «الجمال صواب القول بالحق والكمال حسن الفعال بالصدق» وبحديث الطبراني عن جرير «من لا يرحم من في الأرض لا يرحمه من في السماء» وهو حديث صحيح. وبما رواه البزار عن أنس بن مالك «ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به».
وليكن العقل هو أساس أحكامنا على الأشياء، أعني به العقل السليم، الواع بما يجهر ويهدي، ففي رواية البيهقي عن علي بن أبي طالب «رأس العقل بعد الدين التودّد إلى الناس، واصطناع الخير، إلى كل بر وفاجر». وليس صعبا على الانسان العاقل أن يتخلق بحديث البخاري وغيره عن أبي ذرّ الغفاري «تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة».
وحق لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤكد للمسلمين وغيرهم حسب رواية الخطيب عن عائشة «إن الإسلام نظيف فتنظفوا فإنه لا يدخل الجنة إلا نظيف» وكيف تتحقق النظافة، وقد افتك غير المسلمين أسمى قيمهم الأخلاقية، وتركوهم في خصوماتهم وفرقهم ومللهم يتصارعون ويتقاتلون؟. ولهذا قيل في المثل الروماني «انتظر حتى يصفو الماء فتبصر ما ضاع لك»، و«احترم كل الناس كما تحترم والدك» مثل ياباني.
No comments:
Post a Comment