Thursday, November 6, 2008

keburukan ego


الأنانية شر الشرور ومنبع الرذائل
الانسان أَثِر أناني لا يطلب إلا خير نفسه ومصلحتها، وإذا انعدمت المصلحة عنده لم يوجد الباعث لديه على العمل أصلا. فالانسان حسب النفعيين «فطر على حب نفسه وجلب الخير لها، ودفع الشر عنها، ولو أدى ذلك إلى الإضرار بالغير، وأن الخير هو ان تبلغ النفس مسرّاتها وملذّاتها وتدرك مآربها والشر كل الشر ألا تنال ذلك».وحسب الوجوديين «لا توجد حقائق جديرة بالاهتمام إلا التي تتصل بي (أنا) فالجوع هو جوعي، والحرية حرّيتي، إن نفسي هي أعظم الأنفس عليّ حرمة وأوجبها لديّ حقا» ألم تكن هذه الأوصاف هي صفة الأناني، وخطر الأنانية ينكشف في تفكيك عرى الترابط في المجتمع، ولم يغفل القرآن عن تشخيصها في قول الله تعالى عن امتناع ابليس عن امتثال أمر الله في السجود لآدم «ولقد خلقناكم ثم صوّرناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا ابليس لم يكن من الساجدين، قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين» (الاعراف آيتان 11-12).وقد تنبأ الرسول عليه الصلاة والسلام بالمستقبل القريب بحرف السين في حديث عبد الله بن مسعود «إنه ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها» قالوا يا رسول الله كيف تأمر من أدرك ذلك منّا؟» قال «تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم» صحيح البخاري ومسلم. قال ابن الأثير وابن حجر العسقلاني في التعريف بالأثرة «هي الاستئثار بالشيء من حظوظ الدنيا دون الآخرين» ومما يروى في ذمّ الأثرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يمشي مع بعض أصحابه فانقطع شسع نعله فخلع أحد أصحابه نعله ليلبسه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إنها أثرة ولا أحب الأثرة».قال ابن القيم: «النفس الانسانية مجبولة على الأثرة» ومن فضائل الاسلام أنه دعا إلى الخروج من حدود هذه الشهوات وذمّ من يغلق على نفسه سجن أنانيته «من لم يهتم لأمر المسلمين فليس منهم، ومن لم يصبح ولم يمس ناصحا لله ولرسوله ولكتابه ولإمامه وللمسلمين عامة فليس منا» أخرجه الطبراني وابن حبان.ومن الأسباب التي تجلب الذم للأناني هو حبه المفرط للدنيا و«حب الدنيا رأس كل خطئية» ولهذا حذّرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثلاث صفات مذمومة «ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه» وقد بين لنا صلى الله عليه وسلم الأمراض النفسية والخلقية المهلكة الناتجة عن الأنانية وهي: الكير «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر»، والحسد: «لا يجتمع في قلب عبد الإيمان والحسد»، والتنافس في الدنيا «أخشى أن تبسط عليكم الدنيا فتنافسوها وتهلككم». فالكبر ذكر في صحيح مسلم والحسد ذكره النسائي، والتنافس في الدنيا ذكره مسلم.وقطيعة الرحم «ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم» والغضب «لا تغضب فإن الغضب يفسد الايمان كما يفسد الصبر العسل» أخرجه البيهقي وابن عساكر. (انظر كنز العمال) والبخل والشح: «اتقوا الشح فإنه أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم» صحيح مسلم. وكذلك ظلم حقوق الناس، والحقد.فكيف الخروج من هذه الأمراض المؤذية؟ ذكر الاسلام الحلول العملية للتخلص من هذا الداء الخلقي والنفسي داء الانانية وحب الذات– ومنها:(1) التطلع لما عند الله والرغبة فيه «ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب. قل أأنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد» (آل عمران آيتان 14-15)، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول «اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة».(2) الرضا بما قدّر الله وقسم للعبد من أمر دنياه ليتبلغ به إلى رضى الله وجنته. «ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله قالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون» (التوبة آيتان 58-59).(3) مجاهدة النفس ودفع شدة شهوتها ورغبتها في حظوظ الدنيا «قد أفلح من تزكى، وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى» (الأعلى آيات 14-17).(4) الدعوة إلى الإيثار، وهي أسمى مرتبة للتخلص من قيد الأثرة والأنانية «ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة» (الحشر آية 9) فالايثار دليل الفضل والنبل والانسانية الكاملة. ولهذا عنى الاسلام عناية فائقة بتنمية روح الايثار في الأمة. فقد أخرج الانسان من ضيق شهوة الأثرة إلى أفق الايثار حيث يقهر سلطان «الأنا» والذات، ويصير الانسان المؤمن انسانا كامل الانسانية يقدم حظ الآخرين على حظ نفسه، وسرورهم وحاجتهم على سروره وحاجته.فالأنانية شرّ الشرور ومنبع الرذائل، وانغلاق الأناني على نفسه يجعله كائنا سلبيا يأخذ ولا يعطي يضر ولا ينفع، يمنع ولا يسخو، مثله مثل الطفيليات، لكن إذا تخلص الانسان من هذا الداء الفتاك وهذّب نفسه، وخفف من شر النفس الأمارة بالسوء إلى أقل الدرجات ربما يحسن حاله ويرتدع ويعامل الناس بالتي هي أحسن، ويعطي كل ذي حق حقه، كما حدده خالق البشر والكون وما حوى بالعدل والانصاف.

No comments:

Post a Comment