Wednesday, April 22, 2009

jangan riak


إياكم من مضلّلي العلم الصحيح بالرياء
حامد المهيري
من بُعد نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المستقبل ما أفادنا به حتى لا نغفل ونعتر بزينة الحياة الدنيا، إذ قال عليه الصلاة والسلام «أهلك أمتي رجلان، عالم فاجر، وجاهل متعبد» فقيل «يا رسول الله «أي الناس أشر» فقال «العلماء إذا فسدوا».فالعالم الفاجر كما قال جمال الدين الأفغاني «من عجز عن إصلاح نفسه، كيف يكون مصلحا لغيره» وكما قال علي بن أبي طالب «شر الناس من لا يبالي أن يراه الناس مسيئا» وقال «احذر مشورة الجاهل وإن كان ناصحا، كما تحذر مشورة العاقل وإن كان غاشا».ولهذا أنصح أهل الخبرة بالحذر فقالوا «احذر من كل جاهل يتحامل أو جامد ناقل، وحاسد يعرف الحق ويتجاهل» ووضحوا ذلك بحججهم «أما الجاهل الذي يتحامل ويتصدر للتدريس أو ينقل ويقيس فهو شر من اللعين إبليس إذ لا أجهل أو أفسد بالدين من متعصب بالباطل أو منكر لما هو جاهل. وأما الجامد الناقد وإن كان يسرد كثيرا من الأمهات ويحفظ كثيرا من المسائل ويدرس كثيرا من الفنون فاحترز منه ولاسيما إن كان مطففا في العلم والعمل يثبت مزية نفسه ويحسن الظن بها ويجحد مزية غيره ويسيء الظن به، نظر إلى أحوال السلف الصالح واتخذها حالات لنفسه ظنا منه أنه تحلى بها فأراد حمل الناس على ما يتوهم أنه مذهبه وأن طريقته هذه تعم وأن كل من خالفه فهو مبطل، وأن من وافقه فهو المحقق مع أن شواهد الامتحان تنبئ أنه قاصد عما يدعيه...وأما الحاسد الذي يعرف الحق ويتجاهل فاحترز منه وهو الذي يجعل علمه حجة على الناس ينتصف به عليهم ويغالطهم به، ويجادل، والمغالطة تلبس الحق بالباطل وإدخال التشويش على أهل الحق وإثارة الشبهة عليهم بباطل في صورة حق، والجدال المغالبة بالعلم على وجه لا يرتضيه الله ورسوله».جرّني هذا إلى ذكر حديث نبوي له صلة بما قدمت أعلاه، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يقومون بعمل ما قصد الشهرة «إن أول الناس يقضى يوم القيام عليه رجل استشهد فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها. قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت قال: كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال جريء، فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن فأتي به، فعرّفه نعمه فعرفها. قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن. قال كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال هو جواد، فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار»...أما الصادقون المخلصون لله رب العالمين فلا علاقة لهم بهذا الحديث لا من قريب ولا من بعيد، لأن الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى، كما أفادنا بذلك خاتم المرسلين. ولهذا ينصح علي بن أبي طالب المرائين «إذا ما رأيت ربك سبحانه يتابع عليك نعمه، وأنت تعصيه فاحذره» ويوضح بعض ما جاء في الحديث النبوي عن العلم ويشمل المضمون الحالات الأخرى فقد روى ابن ماجة عن جابر بن عبد الله نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تعلموا لتباهوا به العلماء ولا لتماروا به السفهاء ولا تخيروا به المجالس، فمن فعل ذلك فالنار النار».وحذّر رسول الله صلى الله عليه وسلم من اتباع عالم للعلم، منطلق اللسان به لكنه جاهل القلب والعمل، فاسد العقيدة، يغر الناس بشقشقة لسانه، فيقع بسبب اتباعه خلق كثير في الزلل فقال «أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان».لقد أفادنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصحا لنحذر دعاوي الجهلة والكذابين، ففي حديث مسلم عن أبي هريرة «سيكون في آخر الزمان ناس من أمتي يحدثونكم بما لا تسمعوا به أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم» هؤلاء يزعمون أنهم علماء فيحدثون بالأحاديث الكاذبة، والأحكام المبتدعة، والعقائد الزائفة، فاحذروهم وبعّدوا أنفسكم عنهم وبعّدوهم عن أنفسكم، حديثهم لم يسمع عن السلف، والحديث يشترط أن يكون عن ثقة معروف لدى العلماء وشهر بالصدق والأمانة، وفي كل عصر يوجد الجهلة والكذابون.جاء في نسخة سمعان عن أنس «الطمع يذهب الحكمة من قلوب العلماء» وفي رواية الديلمي عن ابن عمر بن الخطاب «العلم دين والصلاة دين، فانظروا عمن تأخذون هذا العلم، وكيف تصلون هذه الصلاة فإنكم تسألون يوم القيامة» يشير الحديث إلى أن العلم ينبغي أن لا يؤخذ إلا عمن عرفت عالميته واشتهرت ديانته فلا يتلقاه عن جاهل فيضله ولا عن فاسق فيغويه.فاحذروا الانحراف عن شريعة الاسلام السمحة الواقعية وابتعدوا عن مغريات المضللين ولا تتبعوا أهواءهم، فقد أمر الله تعالى بذلك في تنزيله الحكيم، فقال عز وجل «لا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل» (المائدة 77) هؤلاء شخص الله أفعالهم فقال تعالى «كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون» (المائدة 79) فإياكم وإياكم من مضللي العلم الصحيح بالرياء، والمباهاة، ومماراة السفهاء حتى لا ينقلب إلى رهبنة وشعوذة وربما تهلكة.

No comments:

Post a Comment