Wednesday, May 20, 2009

amanah ibu bapa

يا أبتاهُ لا تَكُن عوناً للشيطان علي.. إنني ابنتك

إن دين الإسلام شامل لجميع مصالح البشرية حسيها ومعنويها. فتح أبواب الخيرات ورغب فيها، ورتب على ذلك الأجر والثواب. وغلّق أبواب الشر وحذّر منها، ورتب على ذلك الوزر والعقاب.
وإن من الأمور العظام التي أولاها الإسلام اهتماما عظيماً أمر المسئولية. مسئولية المسلم عن نفسه وأهل بيته ومن يعول.
إن أمر المسئولية عظيم والتفريط فيها نذير شر وفتنة، فكم انقلبت سعادة إلى شقاء، وكم تفرقت من بيوت، وكم تقطعت من أواصر بسبب التفريط في شأن المسئولية.
ولقد كثرت النصوص المنوهة بشأن المسؤولية. فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كلُّكم راعٍ، وَكلكم مَسؤولٌ عن رَعيَّتِهِ: الإِمامُ راعٍ وَمَسؤولٌ عن رَعيَّتهِ، والرَّجُلُ راعٍ في أهلهِ وَهوَ مَسؤولٌ عن رعيَّتهِ، وَالمرأَةُ راعيةٌ في بيتِ زَوجِها وَمَسؤولةٌ عن رَعيَّتِها، والخادمُ راعٍ في مالِ سيِّدهِ وَمَسؤولٌ عن رَعيَّتهِ ـ قال: وَحَسِبتُ أَنْ قد قال: وَالرجلُ راعٍ في مالِ أَبيهِ وَمَسؤولٌ عن رعيَّتهِ، وَكلُّكم راعٍ وَمَسؤولٌ عن رَعيَّتهِ». (1)
وإن من أعظم المسؤوليات العناية بشأن الأولاد عامة والبنات بخاصة. ذلكم أن صلاحهن وفسادهن مربوط في الغالب بصلاح الأبوين أو عدمه.
ويزداد أمر المسؤولية بهن في هذا الزمن الذي كثرت فيه الفتن والمنكرات وتفنن شياطين الإنس والجن في إغوائهن بشتى الوسائل والطرق.


من أسباب انزلاق بعض النساء في الفتن:

وأسباب انزلاق بعض النساء في الفتن واتباع الشهوات في هذا الزمن كثيرة، ومن لازم المسؤولية أن يعرف الولي تلك الوسائل؛ ليزداد اجتناباً عنها إن كان معافى منها.

ومن أعظم أسباب انحراف النساء ما يلي:

1ـ كثرة تغيب الولي عن البيت.
وبخاصة السهر خارج البيت إلى وقت مـتأخر بصورة معتادة. وهذا أمر قد بُلي به بعض الأولياء.يخرج أحدهم من بيته عند آخر النهار ثم لا يعرف البيت إلا آخر الليل. فإذا كان هذا يقضي نهاره في أداء وظيفته وليله خارج الدار فكم يبقى لبيته من الوقت؟ وماذا عن حال أهله وأولاده؟
فيا من بُلي بهذا اتق الله تعالى في وقتك. اتق الله في التفريط في صلاة الفجر. ألم تعلم هداك الله أنك بفعلك هذا تجرئ شياطين الإنس والجن على إفساد بيتك وعرضك.
قل لي بربك. ماذا يقرأ أولادك؟ وماذا يشاهدون؟ وماذا يسمعون؟ ومع من يذهبون؟ وإلى أين يذهبون؟. كيف تعرف ذلك وأنت بعيد عنهم ببدنك ومتابعتك فاحذر من التفريط واستشعر ما حملك الله من المسؤولية.
2ــ عدم اهتمام بعض النساء بأداء الصلاة في وقتها.
ومما أعان الشيطان عليها عدمُ المتابعة والسؤال من والدها، حتى وصل الحالُ ببعض النساء أنها لا تصلي الفجر إلا قبيل الذهاب إلى مدرستها أو جامعتها وبعضهن تجمع الظهر مع العصر، ولا يخفى عليكم معاشر الآباء أن التهاون بأداء الصلاة يجر صاحبه إلى أبواب الشر فإذا ضعف الوازع قلّت الغيرة وأصبحت المسكينة أسيرة لشهواتها وشبهاتها.
فاتق الله أيها الولي، واحذر من سخط الله عليك، فتابع نساءك في أمر الصلاة، وتفقد ذلك معهن، ورغّبهن في الخير وفعله وبخاصة في فرائض الله، ترى منهن البر والصلاح وما تقرّ به عينك.

3ــ تفريط بعض الأولياء وتعجله في الموافقة على من تقدم لخطبة ابنته.
دون حرصٍ على السؤال عنه وعن خلقه وأمانته، فكم سمع الكثير عن أسر تم عقد الزواج والترابط بينهم ثم لا تلبث الأيام اليسيرة أو الأشهر حتى يحل ذلك العقد، وينقلب الترابط إلى تفرّق، فترجع الفتاة إلى بيت أبيها كسيرة حزينة. بما صُدمت به من واقع ذلك الزوج الذي ضيع زوجه. ومما ينبغي ذكره في هذا المقام أن بعض الآباء إذا تقدم الخُطَّاب إلى ابنته أصم أذنيه وأغمض عينيه عن كل أحد إلا عن قريب له، كائناً مَنْْ كان، صالحاً أو طالحاً، شقياً أو تقياً، لا يهمه ذلك كله. إنما همه أن يكون المتقدم ثرياً في المال، أو ذا شهادة مرموقة، وهذا والله من الظلم والتفريط، فكيف يجعل ابنته وقفاً على قريب له بغض النظر عن صلاحه وحسن سيرته. فيا أيها الولي، اتق الله تعالى في نفسك. اتق الله تعالى في ابنتك. فكم من شر وبلاء حصل بين الزوج وزوجته وكان من أسباب ذلك جناية الوالد على ابنته في كونه اختار لها زوجاً لم يرع فيه صفات الصلاح من غيرها.
فاتقوا الله تعالى معاشر الآباء و الأولياء. واجعلوا نصب أعينكم قول النبي صلى الله عليه وسلم : «إذَا خَطَبَ إلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ، فَزَوِّجُوهُ. إلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ في الأرْضِ وفَسَادٌ عرِيضٌ» . (2)
4ــ عدم اهتمام بعض الآباء بالسؤال عن أمر بناته إلا فيما يخص صحتهن و دراستهن.
فعند مرض إحدى البنات، ترى ذلك الوالد مهموماً مغموماً حزيناً، يسارع في الذهاب بها إلى الطبيب، ولا يسأل بل ولا يهتم بما ينفق من مئات بل آلاف الريالات، في سبيل تحصيل علاج يجعله الله سبباً في علاج ولده أو ابنته، وقل مثل هذا في اهتمام ذلك الوالد على بناته عند الامتحانات المدرسة. فتراه شاحذاً لهمتهن، متابعاً لمذاكرتهن، واعداً لهن بالجوائز والرحلات في حال نجاحهن وتفوقهن. وهذا غاية مبلغ بعض الآباء مراعاة صحتهن و دراستهن، أما ما سوى ذلك فلا مبالاة ولا اهتمام و كأنّ مسؤوليته انتهت عند هذا الحد.
فيامن كان هذا شأنه.. إتق الله تعالى في نفسك واعلم هداك الله أن حرصك على صحتهن ونجاحهن جزء من المسؤولية، لكن حرصك على استقامتهن وحمايتهن من أسباب الشر هو المسؤولية الحقة والأمانة الكبرى في عنقك، فبادر هداك الله وسدد خطاك، وتفطن إلى مواضع التقصير، وعاجل بالتخلص منها، ترى من بناتك ما يشرح صدرك وتقر به عينك. فضلاً من الله ونعمة.
5ــ تساهل بعض الآباء والأولياء في ذهاب بناتهم ونسائهم إلى حفلات تتضمن أموراً تنافي الفضيلة وتخل بالديانة.
ولذا ترى بعض الأولياء لا يتردد مطلقاً عندما تطلب نساؤه من بنات وزوجات الذهاب بهن إلى أي دعوة توجه إليهن. ولم يكلف ذلك الولي نفسه بالسؤال عن طبيعة تلك الدعوة وما سيحصل فيها. من أسباب انحراف النساء.
6ـ كثرة تردد النساء على الأسواق.
حتى أن بعض النساء أصبح الذهاب إلى السوق عندها أمراً ضرورياً لا تستطيع الصبر عنه والفكاك منه.
حتى وصل الأمر ببعض النساء أنها تُصِر على الذهاب إلى السوق لأتفه الأسباب، كذهابها لشراء سلعة يستطيع ولدها أو زوجها الإتيان بها بكل سهولة. لكن كثرة ترددها على السوق تتشرب في قلبها حتى أصبح ملازماً لها. وكان الأولى بك أيها الولي أن تحاول جاهداً، أن تخفف من ذهابهن إلى الأسواق ما استطعت إلى ذلك سبيلاً. وذلك بعدم لين الجانب دائماً أو السماح لهن مطلقاً كلما أردن الذهاب إلى السوق والأماكن التي يكثر اختلاط الرجال فيها بالنساء، وكذلك قيامك أنت بما تستطيع من إحضار ما تحتاجه الزوجة أو الابنة من السلع التي يمكن الإتيان بها، دون الحاجة إلى ذهابهن بأنفسهن. فكثرة تردد المرأة على الأسواق يفتح عليها أبواباً من الشر.
ومن أسباب الانزلاق أيضاً:
7ــ بعض الآباء والأولياء يقوم بجلب المجلات الهابطة التي تتضمن صوراً تخدش الحياء وتظهر الفحش في صور متنوعة.
ناهيك عن ما تحويه من مقالات التي تفوح برائحة الفحش والرذيلة، شاهد المقال: إن بعض الأولياء يُبتلى بمطالعة تلك المجلات الهابطة، ولا يكتفي بذلك فحسب، بل يجلبها إلى بيته، ثم لا يبالي بها بعد إشباع نهمه من مطالعتها، فيلقيها في ركن من أركان المنزل. فيتلقفها أبناؤه وبناته. يقلبون النظر فيها، وقد يحتفظون بها في غرفهم الخاصة، ويعيدون النظر فيها مرات وكرات. حتى يدمنوا على متابعة أعدادها والتشوق إلى موعد صدورها بشغف وشوق. حتى وصل الحال عند النساء أنها تشتريها بنفسها، أو توصي والدها بشرائها في حالة عدم إحضار الوالد لها من تلقاء نفسه. والمصيبة هنا أن ذلك الوالد الذي فرط في مسؤوليته يذهب مختاراً لجلب ذلك الخبث إلى بناته. يا سبحان الله! كيف ترضى أيها الوالد لنفسك بهذه الدونية؟! ألا تخشى من عقوبة ربك فاتق الله في نفسك؟!.
8ــ خروج النساء بكثرة إلى المنتزهات.
أو إلى تلك الزيارات المتلاحقة، التي تعادل جلوس المرأة في البيت أو تزيد. فاحذر رعاك الله من التفريط في ذلك وكن أهلاً للمسؤولية. وقبل ذلك ومعه وبعده سل ربك التوفيق والرشاد، واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن بعد العسر يسراً.
9ــ جلب القنوات الفضائية وهذا الأمر من أعظم الشرور.
منظر الأطباق التي أصبحت كالرايات على الكثير من البيوت، تشكك في العقيدة، وتنشر الرذيلة، تحارب الفضيلة، توالي التبرج والسفور، تعادي الحشمة والحياء، تتفنن في إظهار الفحش صوتاً وصورة.
يا عجباً منك أيها الوالد. يا عجباً منك يا من تحافظ على الجمعة والجماعة! يا عجباً من أمرك! أبلغ منك أمر المسؤولية إلى هذا الحد. أين الحشمة والوقار؟ بل أين الحياء؟ أما تتقي الله تعالى في نفسك؟ ألم تعلم أن سهام الرذيلة الفحشاء تسلط على نفسك وذريتك صباح مساء. كيف ترضى لنفسك أن ترى زوجتك وبناتك يقلبون النظر في مشاهد بذيئة؟ مسكين أنت! بل مخدوع أنت!
أبلغ التفريط هذا المبلغ! أين غيرتك؟ أين حقيقة مسؤوليتك؟ أما تخشى أن ترى عقوبة الله فيك أو في بناتك اللاتي أعنت الشيطان على إغوائهن بشرائك لتلك القنوات؟!. ألم تعلم أن من نتائج تلك القنوات عقوقاً من الأولاد، وضياعاً للأوقات، ومالا تحمد عقباه من منكرات الأخلاق والأهواء والأدواء، ألا تخشى أن يقع أولادك أو بناتك في الحرام؟!. وإن قُلتَ: لم فعلت هذا؟ قال لك: فعلت ما تعلمته من القنوات الفضائية التي اشتريتها أنت يا أبي. فما هو جوابك حينها ! نسأل الله لنا ولك السلامة.
فيا هداك الله ويا رعاك الله تفطن لهذا وبادر إلى توبة نصوح، وتخلَّص من ذلك الخبث والخبائث وسترى من ربك ما يسرك ومن ذريتك ما تقر به عينك.
10ــ عدم الرقابة على استعمال الهاتف وبخاصة إذا كان الهاتف مشغولاً لفترات طويلة.(3)
وليس هذا من باب الاتهام. فالأصل البراءة. لكن مقام الحذر لا بد منه. فقد تبتلى بعض النساء ببعض السفهاء الذين يتصيدون بنات المسلمين عن طريق المكالمات الهاتفية. وقد تقع المسكينة ضحية لأولئك السفهاء الذين يتفننون بالتحايل في طريقة الكلام لإيقاع النساء في شراكهم، وكم أسقطت تلك المكالمات في شراكها من بنات المسلمين. وكم تم الاتفاق ثم اللقاء ثم الركوب معه أحياناً بسبب تلك المكالمات المشبوهة. وعلى ذلك فينبغي عدم الغفلة عن هذا الأمر؛ لأن الحرص على التفقد يحصن الفتاة ويدفع عنها الشر بإذن الله تعالى.
11ــ ارتداء الملابس المخلة بالحياء.
والمبدية لبعض مفاتن المرأة أو لأكثر جسدها. ويزيد الأمر سوءاً وشراً عدم مبالاة الولي بذلك. وهنا يعظم الخطب، فكلما رأت الفتاة سكوت وليها عن ذلك وعدم مبالاته بلباسها زاد تشبثها بذلك بل وزاد إخراج المفاتن، وحينها نخشى أن يحل بنا ما حل بكثير ممن حولنا من التساهل في إظهار المفاتن و كشف العورات، حتى يكون ذلك عادة لها يصعب عليها أن تنفك عنه أو تتخلص منه. فلنحرص جميعاً معاشر الآباء والأزواج فالمسؤولية جسيمة وإذا استعان العبد بربه وبذل جهده. أعانه الله وسدد أمره.
اللهم أعنا على مسؤولياتنا وبارك لنا في ذرياتنا، اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا واحفظ نساءنا، اللهم احفظ نساءنا من شر الأشرار وكيد الفجّار، اللهم من أراد بحكامنا فتنة وبمجتمعنا فساداًً ونساءنا سفوراً. اللهم رد كيده في نحره، واجعل اللهم تدبيره تدميراً عليه وعلى من شايعه ونصره، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

No comments:

Post a Comment