Friday, September 26, 2008

LAILATUL QADRI

ليلة القدر خير من ألف شهر

أخبرنا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم أن أعمار أمته قصيرة عن أعمار الأمم السابقة، حيث تتراوح بين الستين والسبعين ، ولذلك نجد أن الله عوضنا عن ذلك بأمور أخرى كثيرة منها منحنا ليلة عظيمة مباركة ، هي 'ليلة القدر' التي هي خير من ألف شهر، أي أن قيامها والعمل فيها خير من العمل في ألف شهر من غيرها، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
يقول تعالى {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ{1} وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ{2} لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ{3} تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ{4} سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ{5 }..صدق الله العظيم
وعن سبب تسميتها بليلة القدر يقول لنا الدكتور جمال القطب، رئيس لجنة الفتوي السابق


بالأزهر الشريف : يرجع ذلك لعدة اسباب منها لشرفها وعظيم قدرها عند الله، وقيل لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة، لقوله تعالى: 'فيها يفرق كل أمر حكيم'، كما قيل لأنه ينزل فيها ملائكة ذوات قدر، أولأنها نزل فيها كتاب ذو قدر بواسطة ملك ذي قدر على رسول ذي قدر وأمة ذات قدر، وأيضاً سميت بذلك لانه قيل أن للطاعات فيها قدراً عظيماً، وقيل لأن من أقامها وأحياها صار ذا قدر.

ومن هنا تأتى أهمية التوجيه النبوى الكريم بالحرص على قيام العشر الأواخر من شهر رمضان ، ولو أن نضطر إلى تأجيل الأعمال الدنيوية , فلعلنا نحظى بقيام ليلة القدر , فإن قيامنا فيها تجارة عظيمة لاتعوض ، لأن قيام تلك الليلة والتى تكون إحدى ليالي الوتر من العشر الأخير من رمضان أفضل عند الله من عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر وذلك لقوله تبارك وتعالى { ليلة القدر خير من ألف شهر } أي ثواب قيامها أفضل من ثواب العبادة لمدة ثلاث وثمانين سنة وثلاثة أشهر تقريبا.
ولو أصاب مسلم ليلة القدر فقامها لمدة عشرين سنة فإنه يكتب له بإذن الله ثواب يزيد على من عبد الله ألفا وستمائة وستة وستين سنة، فالعمل فى ليلة القدر من الصلاة والتلاوة ، والذكر ، خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر .
يقول صلى الله عليه وسلم 'من صام رمضان إيماناً واحتساباً ، غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً ، غفر له ما تقدم من ذنبه '،وعن عائشة رضي الله عنها ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان ) أخرجه البخاري ومسلم ، وقال ابن حجر في الفتح – بعد أن أورد الأقوال الواردة في ليلة القدر- : وأرجحها كلها ، أنها في وتر من العشر الأخيرة ، وأنها تنتقل كما يفهم من أحادث هذا الباب وأرجاها أوتار العشر ، وأرجى أوتار العشر عند الشافعية ، ليلة أحدى وعشرين ، أو ثلاث وعشرين ، على ما في حديث أبي سعيد وعبدالله بن أنس وأرجاها عند الجمهور ، ليلة سبع وعشرين .
يقول الدكتور مبروك عطية - من علماء الأزهر - : 'ليلة القدر' ليلة يحدد فيها مصير مستقبلك لعام قادم حيث تنسخ الآجال , وفيها يفرق كل أمر حكيم.
فيجب على كل مسلم انعم الله عليه بنعمة الإسلام الحرص على أن يكون فيها ذاكرا لله ومسبحا له أو قارئا للقرآن أو جالسا قانتا لله وطالباً منه السعادة في الدنيا والآخرة ، ولكن من يكون فيها في مواطن الغفلة كأن يتسوق اويكون فى مجالس اللغو سيفوته خيراً كثيراً.
ويضيف دكتور عطية : ولا احد يعرف متى تكون بالضبط ليلة القدر ، ولله فى ذلك حكمة بالغة وهى كما اوضح العلماء تحصيل الإجتهاد في إلتماسها ، بخلاف ما لو عينت لها ليلة لأقتصر عليها قيامها والدعاء فيها ،عن عائشة رضي الله عنها قالت : {قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ، ما أقول فيها ؟ قال قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني}...
ويؤمن المسلمون جميعا أن الله عظم أمرَ ليلة القدر فقال {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ}


أي أن لهذه الليلة شأنًا عظيمًا ، كما بين سبحانه وتعالى أنها خير من ألف شهر فقال :{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} ، أي أن العمل الصالح فيها يكون ذا قدر عند الله تعالى خيرًا من العمل في ألف شهرحسبما اوضح لنا الدكتور محمود عاشور -وكيل الازهر الاسبق- مشيراً الى ان من حصل له رؤية شىء من علامات ليلة القدر يقظة فقد حصل له رؤيتها، ومن المعروف ان أكثر علاماتها لا يظهر إلا بعد أن تمضى، مثل أن تظهر الشمس ولا شعاع لها، أو حمراء .

ومن اجتهد في القيام والطاعة وصادف تلك الليلة نال من عظيم بركاتها فضل ثواب العبادة تلك الليلة، فقد اخبرنا سيدنا النبى صلى الله عليه وسلم :'من قامَ ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدَّم من ذنبه' .
كما اخبرنا سيدنا النبى ان قيام ليلة القدر يحصل بالصلاة فيها وإطالة الصلاة بالقراءة أفضل من تكثير السجود مع تقليل القراءة، ومن يسَّر الله له أن يدعو بدعوة في وقت ساعة رؤيتها كان ذلك علامة الإجابة، وكثير حظوا بحصول مطالبهم التي دعوا الله بها في هذه الليلة .
يقول تعالى {تتَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} ويروى عن سيدنا رسول الله أنه قال :'إذا كانت ليلة القدر نزل جبريل في كَبكَبَة (أي جماعة) من الملائكة يصلون ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله فينزلون من غروب الشمس إلى طلوع الفجر بكل أمر قضاه الله في تلك السنة من أرزاق العباد .
وعلى المسلم المدرك لامور دينه ان يعرف ان ما يشاع بين كثير من الناس من أن ليلة النصف من شعبان هي الليلة التي توزع فيها الأرزاق والتي يبين فيها ويفصل من يموت ومن يولد في هذه المدة إلى غير ذلك من التفاصيل من حوادث البشر غير صحيح بل تلك الليلة هي ليلة القدر كما قال ابن عباس في قوله تعالى {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) }هي ليلة القدر، ففيها أنزل القرءان وفيها يفرق كل أمر حكيم أي كل أمر مبرم أي أنه يكون فيها تقسيم القضايا التي تحدث للعالم من موت وصحة ومرض وغنى وفقر وغير ذلك .
ثم قال الله تعالى :{سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} فليلة القدر سلام وخير على أولياء الله وأهل طاعته المؤمنين ولا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءًا أو أذى، وتدوم تلك السلامة حتى مطلع الفجر، عن عائشة قالت :'قلت يا رسول الله إن علمت ليلة ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنّك عفوّ تحب العفوَ فاعفُ عنّي' وكان أكثر دعاء سيدنا النبي في رمضان وغيره :'ربّنا ءاتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار'.
وعن علامات ليلة القدر تحدثنا الدكتورة سعاد صالح، أستاذة الفقه المقارن بجامعة


الأزهر: أشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هذه العلامات والتى منها أن تطلع الشمس لا شعاع لها بعد تلك الليلة وقد يرجع ذلك لان الملائكة تغادر ألأرض بعد الفجر فتحجب هذه الكائنات النورانية الشعاع القادم من الشمس إلى الارض ، كما أنها ليلة لا حر فيها ولا برد لقوله تعالى 'سلام هي حتى مطلع الفجر'.


فليلة القدر ، أفضل ليالى السنة ، لقوله تعالي: {إنا أنزلناه في ليلة القدر • وما أدراك ما ليلة القدر • ليلة القدر خير من ألف شهر}،أي العمل فيها من الصلاة والتلاوة والذكر ، خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ويستحب طلبها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في طلبها في العشرة الأواخر ، فعن عائشة رضي الله عنها ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان ) أخرجه البخاري ومسلم .
والحكمة المؤكدة من إخفاء ليلة القدر هى حصول الاجتهاد في التماسها ، بخلاف ما لو تم تحديدها لاقتصر الذكر عليها والقيام والدعاء ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت يا رسول الله ! أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ، ما أقول فيها ؟ قال قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني
.

No comments:

Post a Comment